مدار الساعة - كتب: المحامي فراس أخو ارشيدة
إنفاذا للقانون الصادر عن الكونغرس الأمريكي وبأغلبيته الساحقة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي عام 1995 والذي أعيد تأكيده بالتصويت عليه بالإجماع في مجلس الشيوخ ، جاء قرار ترامب الناطق بمضمون القانون ليعترف بالقدس عاصمة أبديه ( لإسرائيل ) ونقل سفارة بلاده إليها وقد تضمن القانون إعطاء الرئيس صلاحية إنفاذه أو تأجيله وفقاً لمقتضيات الأمن القومي الأمريكي . ويجدر الإشارة هنا إلى قانون مماثل قد صدر عن الكنيست عام 1980 ، كما ان وقف المساعدات الأمريكيه للفلسطينيين جاء بقانون أطلق عليه اسم " تايلور فورس " تكريما لمواطن أمريكي قتل خلال رحلة إلى تل ابيب في آذار 2016 على يد فلسطيني قامت الشرطة لاحقاً بتصفيته .
لا شك أن العرب خلال العقدين الماضيين كانوا قد إنهمكوا بمفاوضات السلام ومبادراته وبالرعاية الأمريكية والرباعية وقد أقروا بتأجيل بحث موضوع القدس لمفاوضات الحل النهائي دونما طلب من طرف التفاوض أو رعاته سحب تلك القوانين .
ومعلوم للعرب أنظمة وشعوب - أو يفترض العلم - أن مفاعيل سايكس - بيكو " الدولة القطرية " قد انتهت في حزيران 2016 وان المشروع الجديد للمنطقة " الدويلات المذهبية والعرقية " والهيمنة الاقتصادية عبر أصحاب المشروع وعرابوه قد بدأت إجراءات تنفيذه باحتلال العراق كمقدمة لإجراء التحولات الكبرى في المنطقة وتدمير أو استنزاف المقدرات العربية خاصة الوازنة في المشرق العربي، مصر،سوريا ،العراق ، واستهداف الأردن ودوره التاريخي والجيوسياسي ومحاصرته سياسيا واقتصاديا بغية عزله والتفرد به ، وكان كل ذلك بمباركة وتنسيق عربي وفق جدول زمني تبادلوا فيه العرب الأدوار .
طيلة العقود السبع التي مرت على استلاب فلسطين كان النظام العربي الرسمي وكأنه وجد ضآلته ، فقد منع تدفق المعرفة الإنسانية عن شعوبه وما حوت من حقوق للإنسان وعطل التنمية والطاقات تحت ذريعة وغطاء العدو الخارجي والقضية الفلسطينية المركزية ، فماذا لو نحى منحى ألمانيا واليابان - مثلا - من بعد التدمير والإحتلال، هل كانت فلسطين لتبقى محتلة أو كانت الشعوب العربية لتبقى تئن تحت سطوة العيش الهوان.
وها هو النظام العربي الرسمي ذاته وبعد كل هذا الخزي والخراب لا زالت شهيته مفتوحة لاستغلال وإدارة مشاعر الغضب والعطاء التي جاشت بها الجماهير العربية للدفع بها إلى غير وجهتها.
وفي الأردن على الدولة بكافة مكوناتها أن تعي أن للمشروع غايات يسعى حثيثا وجادا لبلوغها وما قرار ترامب إلا إستكمال لإجراءات مزمنة على الأرض الفلسطينية من تقطيع لأوصال الضفة بالمستوطنات والجدار العازل وتكريس الانقسام الفصائلي الساذج .وأن الوجه الآخر للقرار ينبغي التعامل معه كعمل يعمد لتصفية القضية الفلسطينية وعلى حساب الشعبيين الأردني والفلسطيني من خلال صيغ التفدرل المرفوضة والبائسة .
وعليه ، مطلوب من الأردن الرسمي استدارة - لا إلى الخارج على أهميتها - بل إلى الداخل الوطني ومن خلال البدء الجذري الواضح والمباشر لتدشين المشروع الإصلاحي الديمقراطي ، حيث هو وحده ما يحفظ للأردن كيانه أرضا وشعبا ونظام ، إذ ان المشروع الوافد لا يمكن مواجهته إلا بشعب ينعم بكرامة العيش وتحت ظلال العدالة .